البصمة الأولى :
تعلق القلب بالله ، والانقياد التام له , ولعلك تلحظ في هذا الشهر الفضيل ترقب الناس لظهور هلاله وحرصهم على ذلك وتسمع الأخبار ، ويقينهم التام بأن ثبوت الشهر لايتم إلاّ بأمر رباني لا دخل للبشر فيه ، لا واسطة فيه أوشفاعة تدخله ، ولا تأثير من حاكم أو محكوم أو رئيس أو مرؤوس بتغيير موعد ثبوته .
البصمة الثانية :
الدقة في العمل والتربية على النظام والحذر من الخلل ، فرمضان يربي الصائمين على الدقة والانضباط ، ويعرفهم قيمة الدقيقة ، فلا تعجب من سؤالاتهم الدقيقة وانضباطهم العجيب .
البصمة الثالثة :
الصبر ، كان قبل رمضان يأكل ما يريد ويترك مايريد ، ولو تأخر الطعام خمس دقائق لتغير حاله واضطربت أركانه وساء خلقه ، وربما أقام البيت ولم يقعده!
أما في رمضان فيتغير الحال ، فهاهو المسلم الصائم ملتزم بما أمر الله به ، متجنب ما نهاه الله عنه ، صابر عن المفطرات كلها .
البصمة الرابعة :
محبة الطاعة والأنس بها ، وقد يستمر أثر هذه البصمة طوال الحياة ، فإن المرء عندما يداوم شهراً كاملاً على الصلاة والذكر وقراءة القرآن وإطعام الطعام وملازمة بيوت الله ، حري به أن يتعلق قلبه بهذه الطاعات ويأنس بها .
البصمة الخامسة :
تآلف القلوب ، هذا المسلم عندما يلتقي بإخوانه في بيوت الله ، وعندما يتشاركون في المطعم الواحد ، بل ويتسابقون لخدمة إخوان لهم في الدين لايربطهم بهم نسب ، بل هم غرباء ، البلاد مختلفة واللغات مختلفة ، ولم يجمعهم ويألف بينهم إلا دين واحد ألا وهو الإسلام.
وكذلك عندما يزور الصائم بيت الله الحرام ويشاهد الملايين من المصلين متجهين إلى قبلة واحدة ويرجون رباً واحداً.
وعندما يشارك في مشاريع الخير من أمثال تفطير الصائمين المنتشرة في كثير من البلاد زادها الله ونفع بها بإقبال منه ومحبة للخير.
نعم ، هذه بصمات خمس تتركها الكف الرمضانية ، ولكنها ليست كل بصماتها فإني على يقين تام من أن لرمضان آثاره العظيمة التي علمنا منها بعضها ولم نعلم أكثرها، ولو فتشت في نفسك وعند من حولك فستجد يقيناً بصمات رمضانية أخرى ..
نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يجعله شهر خير وعز للإسلام والمسلمين، وأن يجعل لنا من آثاره الطيبة أعظم الحظ والنصيب